رُبى الأندلس (9) ؛ دولة المرابطين.

دولة المرابطين

مقدمة
في بداية لعهد جديد في الأندلس ودورة أخرى من دورات التاريخ بعد هذا الضعف وذاك السقوط، كانت رسالة المعتمد على الله إلى ألفونسو السادس – والذي بمجرد قراءتها أخذ جيشه وعاد إلى قشتالة – هي مهد ذلك العهد وبداية لتلك الدورة الجديدة.

فحين أرسل ألفونسو السادس رسالته المهينة إلى المعتمد على الله بن عباد يطلب منه متهكما مروحة يروّح بها عن نفسه، أخذها المعتمد على الله وقلبها ثم كتب على ظهرها والله لئن لم ترجع لأروحنّ لك بمروحة من المرابطين.

لم يكن أمام المعتمد على الله غير أسلوب التهديد هذا، فقط لوح بالاستعانة بالمرابطين، وقد كان ألفونسو السادس يعلم جيدا من هم المرابطون، فهو مطّلع على أحوال العالم الخارجي، فما كان منه إلا أن أخذ جيشه وانصرف.

فتُرى من هم المرابطون الذين كان لمجرد ذكرهم كل هذا الأثر؟ إنهم أبطال مجاهدون، لا يهابون الموت، أقاموا دولة إسلامية تملكت كل مقومات القوة، تربعت على المغرب العربي وما تحته، وقبل أن نتحدث عن دولتهم تلك نتعرف أولا على أحوال بلاد الأندلس بعد حصار أشبيلية؛ حتى نعي الوضع جيدا قبل بداية عهدهم

استمر في القراءة

رُبى الأندلس (8) ؛ عهد ملوك الطوائف.

عهد ملوك الطوائف

قيام وسقوط الدول والحضارات.. وقفة متأنية

بعد الوصول إلى هذه المرحلة من هذا الضعف وذاك التفتت والهوان، فهناك تعليق عام، وتحليل، واستراحة على طول طريق الأندلس منذ الفتح وحتى هذه المرحلة، نستجلي فيه سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في كونه بصفة عامة، وفي الأمة الإسلامية بصفة خاصة، وهي سنة قيام وسقوط الأمم، وسنة الارتفاع والهبوط، تلك التي لوحظت بشكل لافت في الدولة الإسلامية خاصة.

وحقيقة الأمر أنه منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، بل حتى قيام الساعة، اقتضت سنة الله في الأمم والحضارات بصفة عامة أن تقوم ثم تسقط وتزدهر ثم تندثر، فمن سنن الله أن كانت هناك قوانين اجتماعية وإنسانية عامة تتصل مباشرة بضبط مسيرة الحياة الإنسانية ومسيرة الأمم والشعوب، فإذا ما التزمت الأمم والحضارات بهذه القواعد دامت وكانت في خير وسعادة، وإذا حادت عنها لقيت من السقوط والاندثار ما هي أهل له، قال تعالى [وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ] {آل عمران140} .
استمر في القراءة